جمرة غضى


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

جمرة غضى
جمرة غضى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

طاح الحطب


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

انا وأسماء

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1انا وأسماء Empty انا وأسماء الخميس أغسطس 06, 2009 1:00 am

الفن ابداع

الفن ابداع
§¨`*:•..•:*¨وكيل `*:•..•:*¨§
§¨`*:•..•:*¨وكيل `*:•..•:*¨§

أٍسماء


أنا و أسماء


تعودت كل ليلة أن امشي قليلا، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود، وفي خط سيري يوميا كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر، كانت تلاحق فراشا اجتمع حول إحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور احد المنازل، لفت انتباهي شكلها وملابسها، فكانت تلبس فستانا ممزقا ولا تنتعل حذاء، وكان شعرها طويلا وعيناها خضراوان، كانت في البداية لا تلاحظ مروري.

ولكن مع مرور الأيام، أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم، في احد الأيام استوقفتها وسألتها عن اسمها فقالت أسماء.. فسألتها أين منزلكم، فأشارت إلى غرفة خشبية بجانب سور احد المنازل، وقالت هذا هو عالمنا، أعيش فيه مع أمي وأخي بدر، وسألتها عن أبيها، فقالت أبي كان يعمل سائقا في إحدى الشركات الكبيرة، ثم توفي في حادث مروري.

..ثم انطلقت تجري عندما شاهدت أخيها بدر يخرج راكضا إلى الشارع، فمضيت في حال سبيلي، ويوما مع يوم، كنت كلما مررت استوقفها لأجاذبها أطراف الحديث، سألتها: ماذا تتمنين ؟ قالت كل صباح اخرج إلى نهاية الشارع، لأشاهد دخول الطالبات إلى المدرسة، أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير، مع باب صغير، ويرتدون زيا موحدا، ولا اعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور، أمنيتي أن أصحو كل صباح .. لألبس زيهم .. واذهب وادخل مع هذا الباب لأعيش معهم وأتعلم القراءة والكتابة، لا اعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة، قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة، وقد تكون عينيها، لا اعلم حتى الآن السبب، كنت كلما مررت مع هذا الشارع، احضر لها شيئا معي، حذاء، ملابس، العاب، أكل، وقالت لي في إحدى المرات، بأن خادمة تعمل في احد البيوت القريبة منهم قد علمتها الحياكة والخياطة والتطريز، وطلبت مني أن احضر لها قماشا وأدوات خياطه، فأحضرت لها ما طلبت، وطلبت مني في احد الأيام طلبا غريبا، قالت لي أريدك أن تعلمني كيف اكتب كلمة احبك؟!
مباشرة جلست أنا وهي على الأرض، وبدأت اخط لها على الرمل كلمة احبك،على ضوء عمود إنارة في الشارع، كانت تراقبني وتبتسم، وهكذا كل ليلة كنت اكتب لها كلمة احبك، حتى أجادت كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها … حضرت إليها.

..وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث، قالت لي أغمض عينيك، ولا اعلم لماذا أصرت على ذلك.. فأغمضت عيني .. وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضه .. وتختفي داخل الغرفة الخشبية، وفي الغد حصل لي ظرف طارئ استوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين، لم استطع أن أودعها، فرحلت وكنت اعلم أنها تنتظرني كل ليله، وعند عودتي، لم اشتاق لشيء في مدينتي .. أكثر من شوقي لأسماء.. في تلك الليلة خرجت مسرعا وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الإنارة الذي نجلس تحته لا يضيء، كان الشارع هادئا، أحسست بشيء غريب،انتظرت كثيرا فلم تحضر، فعدت أدراجي، وهكذا لمدة خمسة أيام، كنت أحضر كل ليلة فلا أجدها، عندها صممت على زيارة أمها لسؤالها عنها، فقد تكون مريضة، استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية، طرقت الباب على استحياء، فخرج بدر، ثم خرجت أمه من بعده، وقالت عندما شاهدتني: يا ألهي، لقد حضرت، وقد وصفتك كما أنت تماما، ثم أجهشت في البكاء!!علمت حينها أن شيئا قد حصل، ولكني لم أعلم ما هو؟

وعندما هدأت الأم، سألتها ماذا حصل أرجوك، قالت لي: لقد ماتت أسماء، وقبل وفاتها، قالت لي: سيحضر احدهم للسؤال عني فأعطيه هذا، وعندما سألتها من يكون، قالت: اعلم انه سيأتي، سيأتي لا محالة ليسأل عني؟؟ أعطيه هذه القطعة، سألتها ماذا حصل؟؟

أجابتني: توفيت أسماء، في إحدى الليالي أحست ابنتي بحرارة وإعياء شديدين، فخرجت بها إلى احد المستشفيات الخاصة القريبة، فطلبوا مني مبلغا ماليا كبيرا مقابل الكشف والعلاج لا املكه، فتركتهم وذهبت إلى احد المستشفيات العامة، وكانت حالتها تزداد سوء، فرفضوا إدخالها بحجة عدم وجود ملف لها بالمستشفى، فعدت إلى المنزل .. لكي أضع لها الكمادات، ولكنها كانت تحتضر، بين يدي، ثم أجهشت في بكاء مرير.. لقد ماتت .. ماتت أسماء.. لا اعلم لماذا غدرتني الدموع، نعم لقد خانتني، لأني لم استطع البكاء.. لم استطع التعبير بدمعي عن حالتي حينها.. لا اعلم كيف اصف شعوري، لا استطيع وصفه لا استطيع ..خرجت مسرعا ولا اعلم لماذا لم اعد إلى مسكني، بل أخذت اذرع الشارع، فجأة تذكرت الشيء الذي أعطتني إياه أم أسماء، فتحته، فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعة، وقد نقش عليها بشكل رائع كلمة احبك، وامتزجت بقطرات دم متخثرة يا إلهي، لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمة، وعرفت الآن لماذا كانت تخفي يديها في أخر لقاء، كانت أصابعها تعاني من وخز الإبرة التي كانت تستعملها للخياطة والتطريز، كانت اصدق كلمة حب في حياتي، لقد كتبتها بدمها، بجروحها، بألمها، كانت تلك الليلة هي أخر ليلة لي في ذلك الشارع، فلم ارغب في العودة إليه مرة أخرى، فهو كما يحمل ذكريات جميلة،يحمل ذكرى الم وحزن، يحمل ذكرى أسماء احتفظت بقطعة القماش معي، وكنت احملها معي في كل مكان اذهب إليه، وبعدها بشهر، وأثناء تواجدي في إحدى الدول، و ركوبي لأحد المراكب في البحر الأبيض المتوسط.. أخرجت قطعة القماش من جيبي.. وقررت أن ارميها في البحر .. لا اعلم لماذا ؟؟ ولكن لأنها تحمل أقسى ذكرى في حياتي.. وقبل غروب الشمس.. امتزجت دموعي بدم أسماء بكلمة احبك.. ورفعت يدي عاليا .. ورميتها في البحر.. وأخذت ارقبها وهي تختفي عن نظري شيئا فشيئا .. ودموعي تسألني لماذا ؟؟ ولكنني كنت لا املك جوابا ؟؟

https://nooone8.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى